الاثنين، 21 نوفمبر 2011

نداء الى كل صاحب محل تجارى


جزء من كتاب نداء كل صاحب محل تجارى 
 للشيخ عبدالله بن عبد الرحمن بن جبرين
 بقلم:دخيل بن غنيم العواد
احذر الغش والتلبيس
أيها الأخُ المسلمُ: لتعلمْ ـ وفقك اللهُ لما يحب ويرضى ، وباركَ لك في تجارتك ـ أنَّ كُلَّ عملٍ تضر به أخاك المسلمَ ظلمٌ ، والظلمُ ظلماتٌ في القلبِ والقبرِ والحشرِ ، قال صلى الله عليه وسلم : (( اتَّـقُوا الظلمَ فإنَّ الظلمَ ظلماتٌ يومَ القيامةِ ))(1) وأنت يوم القيامة في أمس الحاجة إلى النّور ، فإذا سعى المتقون المؤمنون بنورهم الذي حصل لهم بسبب التقوى اكتنفت ظلمات الظلم الظالم حيث لا يغني عنه ظلمه شيئاً ، وإنما ينشأ الظلم عن ظلمة القلب ؛ لأنه لو استنار بنور الهدى لاعتبر(2).

أخي المسلمَ ، عاملْ أخاك المسلمَ في بيعك بما تحبُّ أن يعامِلَكَ به ، فانصحْ له وبَـيِّن له عيوبَ السّـلعة ـ إن كان فيها عيوب تعلمها ـ يبارَكْ لك في بيعك ، وتربحْ تجارتُـك ، قال صلى الله عليه وسلم :(( البَيِّعَانِ بالخيارِ ما لم يتفرَّقا ، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما ، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما))(3) وتفصيلُ النّصحِ المأمورِ به في المعاملةِ يكونُ في أمورٍ ثلاثةٍ:
الأول : أن لا تـُثْني على السّـلعة بما ليس فيها ، فإنَّـه كذبٌ ، والكذبُ حرامٌ ، وهو مُمْحِقٌ للبركة ، كما في الحديث السّابق ، ومضى حديثُ : (( المـسلم أخو المـسلمِ لا يَكْذِبه ...)) ثُمَ إنَّ الكذبَ خَصْلَةٌ من خِصَال المنافقين ، قال صلى الله عليه وسلم : (( أربع من كن فيه كان منافقاً خالصّاً ومن كانت فيه خصلةٌ كانت فيه خصلة من النّفاق حتى يدعها : إذا اؤتمن خان ، وإذا حدث كذب ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر ))(4) ، ثم إن كذبت على أخيك فقبل السّلعة مصدقاً لك فهو ـ مع كونه كذباً ـ تلبيس وظلمٌ ، وقد عرفت ما في التلبيس والظلم من العقوبة في الدنيا والآخرة .
الثّاني : أن تظهرَ جميعَ عيوبِ السّـلعةِ خفيَّها وجليَّها ولا تكتم منها شيئاً تعلمه ، فذلك واجب ، قال صلى الله عليه وسلم : ((المسلم أخـو المسلم ولا يحلُّ لمسلمٍ باعَ من أخيه بيعاً يعلمُ فيه عَيْباً إلا بَـيَّنه له ))(5) ، فإن أخفيته كان ظلماً وغشاً ، والغِشٌ حرامٌ ، بل قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( مَنْ غشَّنا فليسَ مِنَّا ))(6)
ومر الرّسول صلى الله عليه وسلم علىصبرة طعام(7) فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللاً فقال : (( ما هذا يا صاحب الطعام قال : أصابته السّماء(8) يا رسول الله ، قال : أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه النّاس ، من غش فليس مني ))(9) .
وإخفاء العيب فيه تركٌ للنُّصح الواجبِ بين المسلمين ، وقد مضى حديث ((الدين النّصيحة)) وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال : بايعت النّبي صلى الله عليه وسلم على السّمعِ والطَّاعة ،فَلَقَّنَني فيما استطعت ،والنّصحِ لكلِّ مسلمٍ )) (10) .
الثّالثّ : أن تعدلَ في الكيلِ والوزنِ وغيرِهما من أنواع المقاييس ، فينبغي أن تكيلَ للنَّــاس كما تحبُّ أن يكيلوا لك ، قال الله سبحانه وتعالى :{وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِـينَ * الذينَ إذا اكْتَالُوا على النّاسِ يَسْتَوْفُوْنَ * وإذا كَالُوهُمْ أَو ْوَزَنُوْهُمْ يُخْسِرُونَ ألا يَظُنُّ أولئكَ أنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَومٍ عَظِيمٍ }[المطففين:1ـ5] فالله سبحانه وتعالى يتوعد في هذه الآيات الذين إذا اشتروا لأنفسهم استوفوا في الكيل والوزن وغيرهما ، وإذا باعوا ووزنوا لغيرهم نقصوا ـ بالخسران والهلاك ، ثم يقول سبحانه وتعالى : {ألا يَظُنُّ أولئكَ أنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَومٍ عَظِيمٍ} أي “ أما يخاف أولئك من البعث والقيام بين يدي من يعلم السّرائر والضمائر في يوم عظيم الهول ، كثير الفزع ، جليل الخطب ، من خسر فيه أدخل ناراً حامية ، يقومون حفاة عراة غرلاً ، في موقف صعب حرج ضيق ضنك على المجرم ، ويغشاهم من أمر الله سبحانه وتعالى ما تعجز القوى والحواس عنه ” (11) .

0 التعليقات:

إرسال تعليق