جزء من كتاب نداء كل صاحب محل تجارى
للشيخ عبدالله بن عبد الرحمن بن جبرين
بقلم:دخيل بن غنيم العواد
احذر الغش والتلبيس
أيها الأخُ
المسلمُ: لتعلمْ ـ وفقك اللهُ لما يحب ويرضى ، وباركَ لك في تجارتك ـ أنَّ كُلَّ
عملٍ تضر به أخاك المسلمَ ظلمٌ ، والظلمُ ظلماتٌ في القلبِ والقبرِ والحشرِ ، قال
صلى الله عليه وسلم : (( اتَّـقُوا الظلمَ فإنَّ الظلمَ ظلماتٌ يومَ
القيامةِ ))(1) وأنت يوم
القيامة في أمس الحاجة إلى النّور ، فإذا سعى المتقون المؤمنون بنورهم الذي حصل لهم
بسبب التقوى اكتنفت ظلمات الظلم الظالم حيث لا يغني عنه ظلمه شيئاً ، وإنما ينشأ
الظلم عن ظلمة القلب ؛ لأنه لو استنار بنور الهدى لاعتبر(2).
أخي المسلمَ
، عاملْ أخاك المسلمَ في بيعك بما تحبُّ أن يعامِلَكَ به ، فانصحْ له وبَـيِّن له
عيوبَ السّـلعة ـ إن كان فيها عيوب تعلمها ـ يبارَكْ لك في بيعك ، وتربحْ تجارتُـك
، قال صلى الله عليه وسلم :(( البَيِّعَانِ بالخيارِ ما لم يتفرَّقا
، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما ، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما))(3) وتفصيلُ النّصحِ
المأمورِ به في المعاملةِ يكونُ في أمورٍ ثلاثةٍ:
الأول : أن لا تـُثْني
على السّـلعة بما ليس فيها ، فإنَّـه كذبٌ ، والكذبُ حرامٌ ، وهو مُمْحِقٌ للبركة
، كما في الحديث السّابق ، ومضى حديثُ : (( المـسلم أخو
المـسلمِ لا يَكْذِبه ...)) ثُمَ إنَّ الكذبَ خَصْلَةٌ من خِصَال
المنافقين ، قال صلى الله عليه وسلم : (( أربع من كن فيه كان
منافقاً خالصّاً ومن كانت فيه خصلةٌ كانت فيه خصلة من النّفاق حتى يدعها : إذا
اؤتمن خان ، وإذا حدث كذب ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر ))(4) ، ثم إن كذبت
على أخيك فقبل السّلعة مصدقاً لك فهو ـ مع كونه كذباً ـ تلبيس وظلمٌ ، وقد عرفت ما
في التلبيس والظلم من العقوبة في الدنيا والآخرة .
الثّاني : أن تظهرَ
جميعَ عيوبِ السّـلعةِ خفيَّها وجليَّها ولا تكتم منها شيئاً تعلمه ، فذلك واجب ،
قال صلى الله عليه وسلم : ((المسلم أخـو المسلم ولا يحلُّ لمسلمٍ
باعَ من أخيه بيعاً يعلمُ فيه عَيْباً إلا بَـيَّنه له ))(5) ، فإن أخفيته
كان ظلماً وغشاً ، والغِشٌ حرامٌ ، بل قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( مَنْ غشَّنا
فليسَ مِنَّا ))(6)
ومر الرّسول
صلى الله عليه وسلم علىصبرة طعام(7) فأدخل
يده فيها فنالت أصابعه بللاً فقال : (( ما هذا يا صاحب
الطعام قال : أصابته السّماء(8) يا
رسول الله ، قال : أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه النّاس ، من غش فليس مني ))(9)
.
وإخفاء العيب
فيه تركٌ للنُّصح الواجبِ بين المسلمين ، وقد مضى حديث ((الدين النّصيحة)) وعن جرير
بن عبد الله رضي الله عنه قال : بايعت النّبي صلى الله عليه وسلم على السّمعِ والطَّاعة
،فَلَقَّنَني فيما استطعت ،والنّصحِ لكلِّ مسلمٍ )) (10) .
الثّالثّ : أن تعدلَ
في الكيلِ والوزنِ وغيرِهما من أنواع المقاييس ، فينبغي أن تكيلَ للنَّــاس كما
تحبُّ أن يكيلوا لك ، قال الله سبحانه وتعالى :{وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِـينَ * الذينَ
إذا اكْتَالُوا على النّاسِ يَسْتَوْفُوْنَ * وإذا كَالُوهُمْ أَو ْوَزَنُوْهُمْ
يُخْسِرُونَ ألا يَظُنُّ أولئكَ أنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَومٍ عَظِيمٍ
}[المطففين:1ـ5] فالله سبحانه وتعالى يتوعد في هذه الآيات الذين إذا اشتروا لأنفسهم
استوفوا في الكيل والوزن وغيرهما ، وإذا باعوا ووزنوا لغيرهم نقصوا ـ بالخسران
والهلاك ، ثم يقول سبحانه وتعالى : {ألا يَظُنُّ أولئكَ أنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ
لِيَومٍ عَظِيمٍ} أي “ أما يخاف أولئك من البعث والقيام بين يدي من يعلم السّرائر
والضمائر في يوم عظيم الهول ، كثير الفزع ، جليل الخطب ، من خسر فيه أدخل ناراً
حامية ، يقومون حفاة عراة غرلاً ، في موقف صعب حرج ضيق ضنك على المجرم ، ويغشاهم
من أمر الله سبحانه وتعالى ما تعجز القوى والحواس عنه ” (11) .
0 التعليقات:
إرسال تعليق