أكل الربا
قال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحونوقال الله تعالى الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس أي لا يقومون من قبورهم يوم القيامة إلا كما يقوم الذي قد مسه الشيطان وصرعه ذلك أي ذلك الذي أصابهم بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا أي حلالا فاستحلوا ما حرم الله فإذا بعث الله الناس يوم القيامة خرجوا مسرعين إلا أكلة الربا فإنهم يقومون ويسقطون كما يقوم المصروع كلما قام صرع لأنهم لما أكلوا الربا الحرام في الدنيا أرباه الله في بطونهم حتى أثقلهم يوم القيامة فهم كلما أرادوا النهوض سقطوا ويريدون الإسراع مع الناس فلا يقدرون وقال قتادة إن آكل الربا يبعث يوم القيامة مجنونا وذلك علم لأكلة الربا يعرفهم به أهل الموقف وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله قال لما أسري بي مررت بقوم بطونهم بين أيديهم كل رجل منهم بطنه مثل البيت الضخم قد مالت بهم بطونهم منضدين على سابلة آل فرعون وآل فرعون يعرضون على النار غدوا وعشيا قال فيقبلون مثل الإبل المنهزمة لا يسمعون ولا يعقلون فإذا أحس بهم أصحاب تلك البطون قاموا فتميل بهم بطونهم فلا يستطيعون أن يبرحوا حتى يغشاهم آل فرعون فيردونهم مقبلين ومدبرين فذلك عذابهم في البرزخ بين الدنيا والآخرة قال فقلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس وفي رواية قال لما عرج بي سمعت في السماء السابعة فوق رأسي رعدا وصواعق ورأيت رجالا بطونهم بين أيديهم كالبيوت فيها حيات وعقارب ترى من ظاهر بطونهم فقلت من هؤلاء يا جبريل فقال هؤلاء أكلة الربا وروي عن عبدالرحمن بن عبدالله بن مسعود عن أبيه إذا ظهر الزنا والربا في قرية أذن الله بهلاكها وعن عمر مرفوعا إذا ضن الناس بالدينار والدرهم وتبايعوا بالعينة وتتبعوا أذناب البقر وتركوا الجهاد في سبيل الله أنزل الله بلاء فلا يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم وقال ما ظهر في قوم الربا إلا ظهر فيهم الجنون ولا ظهر في قوم الزنا إلا ظهر فيهم الموت وما بخس قوم الكيل والوزن إلا منعهم الله القطر وجاء في حديث فيه طول إن آكل الربا يعذب من حين يموت إلى يوم القيامة بالسباحة في النهر الأحمر الذي هو مثل الدم ويلقم الحجارة وهو المال الحرام الذي جمعه في الدنيا يكلف المشقة فيه ويلقم حجارة من نار كما ابتلع الحرام الذي جمعه في الدنيا هذا العذاب له في البرزخ قبل يوم القيامة مع لعنة الله له كما صح عن رسول الله أنه قال أربعة حق على الله أن لا يدخلهم الجنة ولا يذيقهم نعيمها مدمن الخمر وآكل الربا وآكل مال اليتيم بغير حق والعاق لوالديه إلا أن يتوبوا وقد ورد أن أكلة الربا يحشرون في صورة الكلاب والخنازير من أجل حيلتهم على أكل الربا كما مسخ أصحاب السبت حين تحيلوا على إخراج الحيتان التي نهاهم الله عن اصطيادها يوم السبت فحفروا لها حياضا تقع فيها يوم السبت فيأخذونها يوم الأحد فلما فعلوا ذلك مسخهم الله قردة وخنازير وهكذا الذين يتحيلون على الربا بأنواع الحيل فإن الله لا تخفى عليه حيل المحتالين قال أيوب السختياني يخادعون الله كما يخادعون صبيا ولو أتوا الأمر عيانا كان أهون عليهم وقال الربا سبعون بابا أهونها مثل أن ينكح الرجل أمه وأن أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه المسلم فصح أنه باب من أعظم أبواب الربا وعن أنس قال خطبنا رسول الله فذكر الربا وعظم شأنه فقال الدرهم الذي يصيبه الرجل من الربا أشد من ست وثلاثين زنية في الإسلام وعنه قال الربا سبعون حوبا أهونها كوقع الرجل على أمه وفي رواية أهونها كالذي ينكح أمه والحوب الإثم وعلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال الزائد والمستزيد في النار يعني الآخذ والمعطي فيه سواء نسأل الله العافية فصل عن ابن مسعود رضي الله عنه قال إذا كان لك على رجل دين فأهدى لك شيئا فلا تأخذه فإنه ربا وقال الحسن رحمه الله إذا كان لك على رجل دين فما أكلت من بيته فهو سحت وهذا من قوله كل قرض جر نفعا فهو ربا وقال ابن مسعود أيضا من شفع لرجل شفاعة فأهدى له هدية فهي سحت وتصديقه من قوله من شفع لرجل شفاعة فأهدى له عليها فقبلها فقد أتى بابا عظيما من أبواب الربا أخرجه أبو داود فنسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة
كتاب الكبائر_محمد بن عثمان الذهبي
أم الكتاب للأبحاث والدراسات الإلكترونية
0 التعليقات:
إرسال تعليق