القمار
قال الله تعالى يأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهونوالميسر هو القمار بأي نوع كان نرد أو شطرنج أو فصوص أو كعاب أو جوز أو بيض أو حصى أو غيره وهو من أكل أموال الناس بالباطل الذي نهى الله عنه بقوله ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وداخل في قول النبي إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة وفي صحيح البخاري أن رسول الله قال من قال لصاحبه تعالى أقامرك فليتصدق فإذا كان مجرد القول يوجب الكفارة أو الصدقة فما ظنك بالفعل فصل اختلف العلماء في النرد والشطرنج إذا خليا عن رهن اتفقوا على تحريم اللعب بالنرد لما صح عن رسول الله أنه قال من لعب بالنرد شير فكأنما صبغ يده في لحم الخنزير ودمه أخرجه مسلم وقال من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله وقال ابن عمر رضي الله عنه اللعب بالنرد قمار كالدهن بودك الخنزير قال وأما الشطرنج فأكثر العلماء على تحريم اللعب بها سواء كان برهن أو بغيره أما بالرهن فهو قمار بلا خلاف وأما الكلام إذا خلا عن الرهن فهو أيضا قمار حرام عند أكثر العلماء وحكي إباحته في رواية عن الشافعي إذا كان في خلوة ولم يشغل عن واجب ولا عن صلاة في وقتها وسئل النووي رحمه الله عن اللعب بالشطرنج أحرام أم جائز فأجاب رحمه الله تعالى هو حرام عند أكثر أهل العلم وسئل أيضا رحمه الله عن لعب الشطرنج هل يجوز أم لا وهل يأثم اللاعب بها أم لا أجاب رحمه الله إن فوت به صلاة عن وقتها أو لعب بها على عوض فهو حرام وإلا فمكروه عند الشافعي وحرام عند غيره وهذا كلام النووي في فتاويه والدليل على تحريمه على قول الأكثرين في قول الله تعالى حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير إلى قوله وأن تستقسموا بالأزلام قال سفيان ووكيع بن الجراح هي الشطرنج وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه الشطرنج ميسر الأعاجم ومر رضي الله عنه على قوم يلعبون بها فقال ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون لأن يمس أحدكم جمرا حتى يطفى خير له من أن يمسسها ثم قال والله لغير هذا خلقتم وقال أيضا رضي الله عنه صاحب الشطرنج أكذب الناس يقول أحدهم قتلت وما قتل ومات وما مات وقال أبو موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه لا يلعب بالشطرنج إلا خاطئ وقيل لإسحاق بن راهويه أترى في اللعب بالشطرنج بأس فقال البأس كله فيه فقيل له إن أهل الثغور يلعبون بها لأجل الحرب فقال هو فجور وسئل محمد بن كعب القرظي عن اللعب بالشطرنج فقال أدنى ما يكون فيها أن اللاعب بها يعرض يوم القيامة أو قال يحشر يوم القيامة مع أصحاب الباطل وسئل ابن عمر رضي الله عنهما عن الشطرنج فقال هي أشر من النرد وتقدم الكلام عن تحريمه وسئل الإمام مالك بن أنس رحمه الله عن الشطرنج فقال الشطرنج من النرد بلغنا عن ابن عباس أنه ولي مالا ليتيم فوجدها في تركة والد اليتيم فأحرقها ولو كان اللعب بها حلالا لما جاز له أن يحرقها لكونها مال اليتيم ولكن لما كان اللعب بها حراما أحرقها فتكون من جنس الخمر إذا وجد في مال اليتيم وجبت إراقته كذلك الشطرنج وهذا مذهب حبر الأمة رضي الله عنه وقيل لإبراهيم النخعي ما تقول في اللعب بالشطرنج فقال إنها ملعونة وروى أبو بكر الأثرم في جامعه عن واثلة بن الأسقع عن رسول الله قال إن لله في كل يوم ثلثمائة وستين نظرة إلى خلقه ليس لصاحب الشاه فيها نصيب يعني لاعب الشطرنج لأنه يقول شاه مات وروى أبو بكر الأجري بإسناده عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال إذا مررتم بهؤلاء الذين يلعبون بهذه الأزلام النرد والشطرنج وما كان من اللهو فلا تسلموا عليهم فإنهم إذا اجتمعوا وأكبوا عليها جاءهم الشيطان بجنوده فأحدق بهم كلما ذهب واحد منهم يصرف بصره عنها لكزه الشيطان بجنوده فلا يزالون يلعبون حتى يتفرقوا كالكلاب اجتمعت على جيفة فأكلت منها حتى ملأت بطونها ثم تفرقت ولأنهم يكذبون عليها فيقولون شاه مات وروي عنه أنه قال أشد الناس عذابا يوم القيامة صاحب الشاه يعني صاحب الشطرنج ألا تراه يقول قتلته والله مات والله افترى وكذب على الله وقال مجاهد ما من ميت يموت إلا مثل له جلساؤه الذين كان يجالسهم فاحتضر رجل ممن كان يلعب بالشطرنج فقيل له قل لا إله إلا الله فقال شاهك ثم مات فغلب على لسانه ما كان يعتاده حال حياته في اللعب فقال عوض كلمة الإخلاص شاهك وهذا كما جاء في إنسان آخر ممن كان يجالس شراب الخمر أنه حين حضره الموت فجاءه إنسان يلقنه الشهادة فقال له اشرب واسقني ثم مات فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وهذا كما جاء في حديث مروي يموت كل إنسان على ما عاش عليه ويبعث على ما مات عليه فنسأل الله المنان بفضله أن يتوفانا مسلمين لا مبدلين ولا مغيرين ولا ضالين ولا زائغين إنه جواد كريم
كتاب الكبائر_محمد بن عثمان الذهبي
أم الكتاب للأبحاث والدراسات الإلكترونية
0 التعليقات:
إرسال تعليق